ورطة المطورين والعملاء.. حكاية «حكم مزور» أربك السوق العقاري في مصر
الشركات تبحث عن مخرج من أزمة الفجوة بين سعر البيع وتكلفة التنفيذ
متعاملون: الأزمة بالونة اختبار للتعرف على رد فعل السوق وهناك أبعاد أخرى للواقعة
شهدت الساعات الماضية حالة من الارتباك في السوق العقاري المصري، مع انتشار مستند على أنه حكم صادر عن محكمة النقد، يسمح لإحدى الشركات العقارية بإعادة تسعير الوحدات العقارية التي تم بيعها، وفق أسعار اليوم، بعد التغييرات التي طرأت على التكلفة، وهو ما آثار العديد من التساؤلات في السوق، وخاصة بين العملاء والشركات، حول موقف التعاقدات القائمة بينهم، خاصة وان المستند تم تداوله على مجموعات بمواقع التواصل الاجتماعي، وتمت الإشارة إليه من قبل أسماء كبيرة في السوق.
توقيت نشر «الحكم المزور» هو العنصر الأكثر أهمية، والذي أعطى لتلك الوثيقة اهتماما كبيرا، من كافة أطراف السوق، سواء المطورين او المسوقين أو العملاء، وأيضا شركات المقاولات، وللتعرف على التفاصيل والحكاية التي تخص تلك الوثيقة «المضروبة»، فلنبدأ من وضع السوق العقاري في مصر، والذي شهد ارتفاعا في تكلفة الإنشاءات للمشروعات العقارية منذ اندلاع الأزمة فى مارس 2022 حتى الآن بمعدل 120% على الأقل والمتوقع أن تواصل الزيادة بمعدل 30% فى ضوء التراجع المرتقب لسعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
وطبقا لموقع وزارة الإسكان والمرافق أظهرت نشرة أسعار مواد البناء زيادة الأسعار بمتوسط 78% لعدد 16 من الخامات بلغ حديد التسليح معدل زيادة 77% فى الفترة من مارس 2022 إلى مارس 2023.
التغيرات التي فرضت نفسها على الساحة، دفعت الشركات العقارية إلى اتباع عدة آليات لضمان استمرار النشاط والبحث عن وسائل جديدة تضمن بها توفير سيولة تمكنها من تنفيذ المشروعات، وخاصة مع اتساع الفجوة بين الأسعار التي تم البيع وبها، وتكلفة التنفيذ، إذ اتجهت شركات إلى التسعير بالدولار، مثل إعمار مصر وأوراسكوم للتنمية، فيما لجأت أخرى إلى تقسيم الطروحات التي تقوم بها وتقليل عدد الوحدات التي تبيعها، أو وقف البيع في أوقات كثيرة لحين استقرار الأوضاع أو وضوح الرؤية.
وبحسب مصادر في السوق، في تصريحاته لـ «مصر الآن» فإن هناك تحركات حالية تجري من قبل الشركات العقارية لوضع نسبة تحوط على العقود الجديدة التي سيتم إبرامها مع العملاء، لافتة إلى أن هناك ضغوط من المطورين في محاولة منهم لاستصدار قرار من الحكومة لتعميم تلك النسبة على الوحدات المباعة خلال السنوات الثلاثة الماضية، وهو ما يواجه رفضا من المسؤولين.
وفي ظل تلك الأوضاع المضطربة، جاء الإعلان عن صدور حكم من محكمة النقض بأحقية إحدى شركات التطوير العقارى فى إعادة التوازن المالى للعقد، بنا يسمح لشركات التطوير العقاري بإعادة تسعير الوحدات التي تم بيعها، وفق الأسعار الجديدة، مع مد مهلة التنفيذ والاستلام بما يتفق مع الظروف الطارئة، وهو ما نفته محكمة النقض في بيان بعد ساعات من انتشار الوثيقة المزورة.
وأشارت تكهنات من مطورين عاملين في السوق، أن تلك الأزمة كانت بمثابة بالونة اختبار من قبل إحدى الشركات لقياس مدى تقبل السوق لذلك الأمر، لافتين إلى أن التحقيقات التي ستجري للتعرف على المتسبب في الواقعة من المؤكد أنها ستحمل العديد من المفاجآت، إذ أن الأمر ليس مجرد وثيقة متداولة وإنما له أبعاد أخرى في السوق.
وأضافوا أن الأمر يمكن أن يكون أيضا صادرا عن مجموعة من العملاء بهدف إحداث بلبلة وتهيئة الرأي العام لرفض خطوات مثيلة قد يتم اتخاذها في السوق، ولمنع الاتفاق على مثل هذه الإجراءات.
وفي تصريحات له مساء أمس، أكد المهندس طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، أن هناك حكمًا صادرًا بتاريخ 7 مارس 2023، من محكمة استئناف الإسكندرية، يخص حالة بعينها، بلغ سعر المتر فيها 2750 جنيهًا، مشيرًا إلى أن القاضي ارتأى وفقًا للمتاح أمامه أن المدة تمتد عامين بسبب ظروف الإغراق في 2016، ورفع السعر من 2750 إلى 4 آلاف جنيه للمتر المربع.
وأوضح شكري، أن الحكم تم نقضه، ولم يتم النظر فيه حتى الىن من قبل محكمة النقض، وهو ما يعني أنه حالة فردية ولا تزال بين يدي القضاء.